قال الشيخ فركوس في رده على سؤال بخوص جوازِ الإنكارِ العَلَني على وُلاة الأمرِ ، أنَّه إذا غَلَبَ على الظَّنِّ عدمُ زوالِ المَفسدةِ والمُنكَرِ بالوعظِ العَلَني، بل قد يترتَّبُ عليه نتائجُ عكسيَّةٌ مُضِرَّةٌ بالدَّعوةِ إلى اللهِ وبالنَّاصحين علنًا، فإنَّ ما تقتضيه المَصلحةُ .
وأضاف عبر موقعه الرسمي ، الحال هذه ـ تجنُّبُ الإنكارِ العَلَنيِّ والاكتفاءُ بوعظهم سِرًّا عند الإمكان، قال ابن العثيمين ـ رحمه الله ـ: «فإذا رأينا أنَّ الإنكار علنًا يزولُ به المُنكَرُ ويحصلُ به الخيرُ فلنُنْكِرْ عَلَنًا، وإذا رأينا أنَّ الإنكارَ عَلَنًا لا يزول به الشَّرُّ، ولا يحصل به الخيرُ بل يزدادُ ضغطُ الوُلاةِ على المُنكرينَ وأهلِ الخيرِ، فإنَّ الخيرَ أَنْ نُنكرَ سِرًّا، وبهذا تجتمعُ الأدلَّة، فتكونُ الأدلَّةُ الدَّالَّةُ على أنَّ الإنكارَ يكون علنًا: فيما إذا كُنَّا نتوقَّعُ فيه المَصلحةَ، وهي حصولُ الخيرِ وزوالُ الشَّرِّ، والنُّصوصُ الدَّالَّةُ على أنَّ الإنكارَ يكونُ سِرًّا: فيما إذا كان إعلانُ الإنكارِ يزدادُ به الشَّرُّ ولا يحصلُ به الخيرُ»
و أشار في الأصل ، أنه يتمُّ وَعْظُ وُلاةِ الأُمورِ سِرًّا؛ إمَّا عن طريقِ خِطابٍ سِرِّيٍّ مُرْسَلٍ إليهم عبرَ البريدِ الخاصِّ أو الإلكترونيِّ، وإمَّا بتسليمِه لهم يدويًّا بواسطةِ ثِقَةٍ، أو بطلبِ لقاءٍ أَخَويٍّ يُسِرُّ إليهم فيه بالنَّصيحةِ، ونحوِ ذلك مِنْ أسبابِ حُصولِ الانتفاعِ بالنَّصيحةِ في مَجالِ الدَّعوةِ والتَّعليمِ والإعلامِ.
يضيف : “عِلمًا أنَّ النَّصيحةَ العَلَنيةَ تُؤدَّى مِنْ غيرِ هَتْكٍ ولا تعييرٍ ولا تشنيعٍ لمُنافاتِها للجانب الأخلاقيِّ، ولا خروجٍ بالقول والفِعلِ لمُخالَفتِه لِمَنهجِ الإسلامِ في الحُكمِ والسِّياسةِ، بَلْهَ إذا أجازوا تقديمَ النَّصيحةِ أمامهم عَلَنًا، وفَتَحوا على أَنْفُسهم بابَ إبداءِ الرَّأي والانتقادِ وأَذِنوا فيه، وهذا متضمَّنٌ في قولِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه: «وإِنْ رَأَيْتُمُونِي عَلَى بَاطِلٍ فَسَدِّدُونِي»، وفي لفظٍ: «وَإِنْ زِغْتُ فَقَوِّمُونِي»،”
من جانبه قال الدكتور صالح الدين يوسف عزيز البسامي ، أن ما جاء به الشيخ فركوس في رده مؤصل تأصيلا شرعيا ومكينا، يشكر عليه، أما فيما يتعلق بالمراجعات فعلينا أن نعلم أنها تنقسم إلى قسمين : مراجعات غير مستساغة وهي التنازلات بمقتضى العقل والهوى، ومراجعات مستساغة وهي تغيير الفتوى بمقتضى الشرع ومقتضى الحال.
يضيف الدكتور في تصريحه لـ صوت الشلف : “بما أنه يجب علي أن أعود للفتوى بحسب الواقعة مع المقتضى الزماني والمكاني لا أستطيع الافادة برأي أو بحكم …وبما أنه يجب أيضا على المسلم حسن الظن بأخيه فحسن الظن بالعلماء من باب أولى، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما نصحوه بقطع رقبة عبد الله بن أبي رأس المنافقين.
قال :”دعه، لا يتحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه ” (مسلم عن جابر بن عبد الله)، وقال صلى الله عليه وسلم في قصة حاطب بن أبي بلتعة الذي أفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم :”لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم”(البخاري ومسلم).
فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يفتي بعكس مقتضى الظاهر لاعتبارات مصلحية خفيت على كبار علماء الصحابة ، فالمفتي ذو العلم الرصين والتقوى الراجحة يفتي باعتبارات شرعية ومصلحية قد يخفى ظاهرها على الخاصة من أهل العلم فضلا عن العامة ، و لا أظن قامة علمية مثل الدكتور فركوس من أصحاب المراجعات بمقتضى الهوى والعقل المجرد.
هذا ما عساي قوله في المسألة والله مطلع على سري وعلني قال ربي جل في علاه :(وإذا قلتم فاعدلوا)، وقال أيضا :(ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).وفقني الله وإياك أخي الكريم والشيخ فركوس وكل المؤمنين لما يحبه ويرضاه والحمد لله رب العالمين.