السَتر سَتران: سَترٌ عن المعصية وستر في المعصية

السَتر سَتران: سَترٌ عن المعصية وستر في المعصية

وإن شئت قلت سَتْرٌ من الحق (سبحانه) وسَتْرٌ من الخلق . وشتّان بين من يَتَستَّرُ من الحق وهو السَتْرُ عن المعصية وبين من يتستر من الخلق . وهو الستر في المعصية ، وإليك شرح ذلك:في ظلّ قوله صلى الله عليه وسلم :”كل بني آدم خطاء” [أخرجه الحاكم عن أنس] .

وقوله صلى الله عليه وسلم:”اجتنِبوا هذه القاذوراتِ [المعاصي] التي نهى اللهُ تعالى عنها، فمن ألَمَّ بشيءٍ منها فلْيستَتِرْ بسِترِ اللهِ” [صحيح الجامع عن عبد الله بن عمر] يتبيّن لنا أنّ الإنسان بطبيعته الآدمية يخطئ “وخَطِئ آدم فخطئت ذريته” [ابن منده عن أبي هريرة]، ولكن هذه الطبيعة الآدمية التي تُبرز لنا أنّ الخطأ والتقصير من لوازم البشر لا تسمح لنا بوجه من الوجوه أن نجهر بالخطأ بل يتحتّم علينا السَتر والتَستُّر.

وعلينا أن نعلم أن السَتْر على قسمين و شتّان بينهما، وهو نوعان وبينهما مسافة سحيقة . وبمعنى آخر أنّ النّاس تطلب السَتر على معنيان.

فالأول سترٌ عن المعصية: وهو أن لا تقع في المعصية أصلا . و الثاني سترٌ في المعصية : وهو الوقوع في المعصية والحرص على أن لا يراك أحد فيها.

فالعامة من المسلمين يطلبون الستر في المعصية حتى لا يسقطوا من عين الخلق . والخاصة من المؤمنين يطلبون الستر عن المعصية حتى لا يسقطوا من عين الحق .

فالعامة يجعلون اعتبار سترهم بالخلق وهذا يجعلهم قريبون من الوقوع في المعصية بل حتمية الوقوع فيها .

أما الخاصة يجعلون اعتبار سترهم بالحق سبحانه وهذا يجعلهم بعيدون من المعصية فضلا عن الوقوع فيها.

ومن أعظم ما يستعيذ المرء منه أن يستعيذ بالله من خزي الدنيا والآخرة المتمثل في الفضيحة الكبرى . قال تعالى عن الخليل إبراهيم ﴿ولا تخزني يوم يبعثون﴾ [الشعراء:87]، فكما أنّ عيوب الجسد لا يسترها إلا اللباس، ففضائح الآخرة لا تسترها إلا التقوى ﴿ولباس التقوى ذلك خير﴾ [الأعراف:26].

والستر من أعظم ثمرات لباس التقوى.نسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم الفقيه المالكي ابن عطاء الله السكندري (658- 709 ) صاحب هذه الحكمة، وأن يفتح علينا بالستر عن المعصية، وأن يعيذنا من خزي الدنيا والآخرة ، بفضله ومنِّه، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

د.صالح الدين يوسف عزيز البسامي شيخ الزاوية الابراهيمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *