وليد عبد الحي : احبتي في الجزائر ” حلو عينيكم فالشيطان يزحف نحوكم”

وليد عبد الحي : احبتي في الجزائر ” حلو عينيكم فالشيطان يزحف نحوكم”

لم يشكل لي القرار الجزائري قبل يومين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب أي نوع من المفاجأة، فقد سبق لي ان نشرت دراستين اكاديميتين اضافة الى 17 مقالا على صفحتي على الفيسبوك الى جانب محاضرة في مؤسسة شومان مسجلة على الانترنت .

وفيها كلها كنت اؤكد ان العلاقات المغربية الجزائرية ذاهبة نحو الاسوأ.فالتناقض الجزائري المغربي اعمق واشمل من قضية الصحراء الغربية، فالتناقض في النظام السياسي وفي السياسات الداخلية والخارجية وفي الثقافة السياسية ناهيك عن تاريخ مثقل بالعداء بين البلدين ، الى جانب الصراع الجيواستراتيجي بين البلدين حول من يكون مركز الاقليم، وقد سبق ان كتبت في احد مقالاتي عن العلاقات الاسرائيلية المغربية، وحذرت من تزايد الاهتمام الاسرائيلي المتزايد بشكل كبير في الجامعات ومراكز الابحاث الاسرائيلية بدراسة الجزائر، ونشرت قائمة من هذه الدراسات ، وقد سبق للزميل د عبدالعزيز جراد(أثناء توليه رئاسة الوزراء) ان تجاوب مع تحذيري من التخطيط الاسرائيلي المتزايد لخلق حالة اضطراب في الجزائر، فاستطلاعات الرأي الاسرائيلية تشير الى ان الاسرائيليين يعتقدون ان المجتمع الجزائري هو المجتمع العربي الاكثر كراهية لاسرائيل والذي يجب جره الى ميدان التطبيع او انهاكه.

ومن الضروري ايضا ادراك ان العلاقة المغربية الاسرائيلية ليست بعيدة عن توترات العلاقات المغربية الجزائرية، وللتذكير ثانية فقد بدات علاقات المغرب مع اسرائيل بشكل سري منذ بداية الستينات من القرن الماضي” عندما ارسلت اسرائيل للمغرب في اكتوبر عام 1963 طائرات حربية من طراز مستير ودبابات من صنع فرنسي عبر صفقة رتبها شاه ايران لمواجهة القوات الجزائرية ( وقد وردت هذه المعلومات في دراسة بعنوان (Israel and Morocco) التي كتبتها الباحثة الاسرائيلية إينات ليفي(Einat Levy ) عام 2018 في المعهد الاسرائيلي للسياسات الخارجية الاقليمية( Israeli Institute for Regional Foreign Policies)(صفحة 3)، وتشير نفس الدراسة الاسرائيلية الى تزويد اسرائيل للمغرب بطائرات بدون طيار(المسيرة) عام 2013 عبر فرنسا، ناهيك عن قيام المغرب بتعديل دستورها عام 2011 حيث نص الدستور المغربي الجديد على اعتبار التراث ” العبري- اليهودي جزءا من مكونات التراث المغربي.( وهو نص لا يوجد في دستور أي بلد عربي او اسلامي)، وقد تم نتيجة هذا التعديل الدستوري اعادة ترميم وصيانه كافة المعابد والمدراس والمقابر اليهودية في المغرب، بل تم اعادة اطلاق اسماء يهودية على بعض المعابد وبمشاركة من الملك المغربي الحالي وفي نفس العام الذي فاز فيه حزب العدالة والتنمية .

ويلعب اللوبي اليهودي بخاصة من يهود المغرب دورا في تعزيز العلاقات الامريكية المغربية مقابل تطوير العلاقات الاسرائيلية المغربية ، ومن الضروري ادراك ان الجالية المغربية اليهودية في اسرائيل والتي يصل عددها طبقا للاحصاء الاسرائيلي حوالي نصف مليون( 35% منهم من مواليد المغرب والباقي ابناءهم) ،هي ثاني اكبر الجاليات اليهودية بعد اليهود الروس، ومن الضروري ادراك ان الحكومات الاسرائيلية الثلاث الاخيرة (حكومتي نيتنياهو السابقتين وجكومة نفتالي بينيت الحالية) ضمت ما مجموعه 21 وزيرا اسرائيليا من اصول مغربية، كما ان نسبة المغاربة اليهود في المؤسسات الغسكرية والامنية الاسرائيلية تفوق نسبتهم السكانية.

واذا انتقلنا الى ميدان الدور الدبلوماسي للمغرب في مساعدة اسرائيل لاختراق المنطقة العربية، نجد انه في عام 1976 التقى الملك المغربي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين، وكان وراء ترتيب اتفاقيات كامب ديفيد في لقاءات سرية بين السادات والقيادات الاسرائيلية في المغرب ، وكان المغرب يسرب عبر التسجيلات السرية الحوارات في اجتماعات القمم العربية، كما ساهم في موضوع طائرة قادة الثورة الجزائرية وتسليمهم للمخابرات الفرنسية ، وتعاون مع مخابرات غربية واسرائيلية للتخلص من الزعيم المغربي المهدي بن بركة عام 1965.

اما السياسة الداخلية المغربية، فيكفي ان يطلع القارئ على الكتاب الصادر عام 2012 وعنوانه (Predator King) من تأليف (Cathrine Graciet and EricLaurent) اللذين عاشا فترة في القصر الملكي ،او ليطلع القارئ على مقابلة صحيفة “المساء المغربية” عام 2009 مع شيمون ليفي (الذي عمل في متحف الدار البيضاء) وكيف نظمت المغرب في الستينات من القرن الماضي تهجير اليهود الى فلسطين ” رغم ان معظمهم لم يكن يريد الهجرة” كما يقول ليفي نفسه ، كما ان اول لقاء علني بين رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق شيمون بيريز والملك الحسن الثاني كان عام 1986، وأعقب ذلك في عام 1994 افتتاح مكتب الارتباط الاسرائيلي في الرباط ثم بعد ذلك بعامين تم افتتاح المكتب المغربي في تل ابيب، وتبع ذلك عام 1999 اصدار اسرائيل طابعا بريديا يحمل صورة الملك المغربي، وهي السنة التي ارتفع فيها التبادل التجاري الاسرائيلي المغربي الى حوالي خمسين مليون دولار ليصل الى اكثر من 87 مليون عام 2015( ، وزار حوالي خمسين الف اسرائيلي المغرب، وفي عام 2000 قام وفد من سلاح الجو الاسرائيلي يضم 25 خبيرا بزيارة المغرب واجتمع مع العسكريين المغاربة، وبعدها وصل للمغرب ممثلون عن 24 شركة اسرائيلية من مختلف القطاعات الانتاجية، وفي عام 2003 زار وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم الرباط حاملا رسالة من رئيس الوزراء الاسرائيلي اريل شارون ، وبعدها بعام التقت تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية نظيرها المغربي حينها محمد بن عيسى ، وفي عام 2019 التقى نيتنياهو مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة على هامش اجتماعات الامم المتحدة.

مرة اخرى…احبتي في الجزائر ” حلو عينيكم فالشيطان يزحف نحوكم”…

الأستاذ : وليد عبد الحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *